الكاتب: سميرة إراتني |
السبت, 06 أوت 2011 |
قال الكاتب والإعلامي احميدة العياشي في حديثه لـ"الجزائر"، إن أول من أخرج الراي من دائرة الغرب الجزائري، كان الشاب خالد وفرقة راينا راي في حفل بضاحية ببوبيني بباريس في 23 جانفي 1986 وكان ذلك بمثابة الولادة الحقيقية للراي العالمي. كيف أصبحت حلقات المدّاحات والمشايخ في بلعباس إلى البيضة التي فقصت وخرج منها الشاب حميد وفضيلة والصحراوي وحسني وقبلها خالد ومامي، وتحوّلت الحلقة التي يحييها الجيران إلى حفلات ضخمة يحضرها الآلاف ويسمعها الملايين، وأصبح البدوي المحلي رايا عالميا يسمعه المشرق والمغرب ويرقصون على إيقاعه ويردّدون كلمات "دزيرية" بامتياز. يرى المتتبعون، على رأسهم الكاتب والمسرحي والإعلامي احميدة العياشي أن الموطن الأصلي لأغنية الرّاي هو ثلاث مدن تشكل كل واحدة تيارا مستقلا بحد ذاته. أولا مدينة سيدي بلعباس، التي تتميز بنوع الراي الثقيل القريب من البدوي، ومن أهم أعلامه الشيخة الريميتي، حبيبة العباسية والشاب زرقي أحمد وأصحابه المعروفين بـ"الإخوة زرقي" انتهاء بفرقة راينا راي. المنطقة الثانية سعيدة وتيارت وأهم شيوخها الشيخة الجنية نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات وبوركيبة السعيدي في الستينيات. والمنطقة الثالثة هي وهران، حيث انتشر الراي كالنار في الهشيم داخل الملاهي الليلة والحانات، خاصة مع مزجه مع نوع الفلامينكو الغجري. من عرّف فعليا بالرّاي.. خالد أم فضيلة والصحراوي؟ الشيخ حمادة والشيخة الرّيميتي، جيلالي عين تادلس والإخوة زرقي وبوربعة هم السباقون لتحويل مسار البدوي، بداية من الثلاثينيات من القرن الماضي إلى أواخر الثمانينيات إلى الهدوء الجميل الذي سبق عاصفة العالمية التي يرجعها المتحدثون في هذا الموضوع إلى الثنائي خالد ومامي، لكن هذه العاصفة استقوت بتوقيع الثلاثي حسني، الصحراوي والشابة فضيلة حفلات في الثمانينيات في أوروبا وأمريكا وروسيا. وللشابة فضيلة الأسبقية التاريخية التي تميزها عن بقية مغنيات جيلها، باعتبارها أوّل مغنية راي تنتج فيديو كليب "ما عندي زهر معاك" سنة 1987، وأول مغنية تقوم بجولة فنية في أوروبا وأمريكا، حاملةً الراي إلى أبعاد عالميّة. هذا قبل أن تشتد العاصفة بأغنية "ادي ادي" في 1992 من أداء الشاب خالد، حيث أصبح يؤرخ للراي بداية من العام المذكور، رغم أن أعراضه كانت قبل ذلك. مهرجان ضاحية بوبيني بباريس.. البداية الحقيقية وحسب احميدة العيّاشي، فإن المسار الحقيقي لعالمية الراي، بدأ من مهرجان بضاحية بوبيني بباريس، حيث حضر هذا الحفل الذي نظم في 23 جانفي 1986 كل من الشاب خالد وفرقة راي راي، حيث بدا اهتمام الساحة الفنية الفرنسية واضحا بهذا النوع الموسيقي، خاصّة بعد تنظيم منتجين فرنسيين هما ميشال ليفي، وهو المنتج السابق للشاب مامي ومرتان ميسونيي، وهو شخصية بارزة في مجال موسيقى العالم، لأول مهرجان لموسيقى الرّاي الذي غطته الصحافة الفرنسية بكثافة بفضل دعاية كبيرة، وكان بمثابة تكريس حقيقي للشرعية الثقافية لهذا الفن الغنائي لأوّل مرّة خارج حدود المغرب الكبير. الراي من أجل امتصاص أمواج العنف وأرجع العيّاشي هذا الإقبال الكبير على الرّاي في ذلك الوقت وتبنيه من طرف المنتجين والإعلام الفرنسيين إلى المشكلة التي كان تعانيها فرنسا مع الجيل الثاني والثالث من المهاجرين المغاربة، وخاصة منهم الجزائريين، وتم احتواء الراي من خلال الدوائر الإعلامية وترويجه من أجل امتصاص موجات العنف في ضواحي المدن الفرنسية المعروفة بتواجد أعداد كبيرة للجالية المغاربية. كما أن سنة 1985، يضيف المتحدث، شهدت الجزائر تنظيم أول لقاء كبير للأغنية الرايوية، نظمه العقيد سنوسي في رياض الفتح من أجل تشجيع نهج الليبرالية. استرجاع الذاكرة ساهم في ازدهار الراي وأضاف العياشي أن بعض المواطنين الفرنسيين الذين عاشوا في الجزائر إبان المرحلة الاستعمارية، المعروفين بالأقدام السوداء، ساهموا في الترويج لهذا النوع بسبب استذكارهم لجزء من ماضيهم في الجزائر، ما جعل من شوكة الراي تزداد حدة. رغم أن أسبقية التوسع العالمي للرّاي كانت على يد الشابة فضيلة وزوجها السابق "الصحراوي" والراحل الشاب حسني، أواخر الثمانينيات، إلا أن أغنية "ادي ادي" في 1992 كانت بمثابة انفجار للراي في القارة الأوروبية وباقي بلدان العالم، خاصة مع عمليات التلميع التي صاحبت ألبوم الشاب خالد وتوجها بكليب مصور في فرنسا، لكن هذا لم يكن ليلغي نجومية حسني الذي أسر قلوب الشباب في عشرية اليأس. إدخال آلة "الكورديون" حوّل مسار الراي يقول الإعلامي احميدة العيّاشي أن إدخال آلة الكورديون حول من مسار الراي وجعله عصريا ومترجما فعليا لميولات الشباب آنذاك وكان هذا التغيير على يد الشاب خالد وبلمو. وفي هذا المقام لابد، يضيف المتحدث، من إدراج إسم آخر ساعد في تطور الأغنية الرايوية، وهو شقيق "الكينغ" خالد. "الشاب".. من تصنيف إلى صفة لصيقة اشتهر فنانو الرّاي بلقب "الشاب"، محتفظين بذلك بشباب طيلة مشوارهم الغنائي، بالرغم من أن أغلبهم اقترب من الخمسينيات أو تخطاها، هذا اللّقب صنع التمييز لفناني الجزائر في العالم وأصبح أيقونة رايوية جزائرية. أطلق هذا اللّقب على جيل عاصر شيوخ ومداحات البدوي، وكانت صفة "الشاب" من باب التصنيف بين الشيوخ والجيل الجديد في السبعينيات، لمن أراد أن يغني النّوع البدوي بإضفاء لمسته من حيث الموسيقى أو الكلمات، وكان حينها يلقى تحفظا وفي أحيان أخرى رفضا، الأمر الذي ترجمه عدم بث هذه الأغاني، سواء في الإذاعة أو التلفزيون حتى سنة 1984. هل أصل الراي من نجد السعودية؟ لكن هناك من يعتبر أن هذه الحلقات في بلعباس، قد تم جلب فكرتها أساسا من نجد السعودية بواسطة الهلاليين الذين هاجروا إلى الجزائر، حيث مازالت إلى حد الآن هذه الحلقات، "تجمّع الرجال على شكل دائرة"، أحدهم يضرب على "الدربوكة" وآخر على آلة الڤيثار وواحد أو أكثر يرقصون وسط الحلقة. قال الدكتورعبد الحميد بورايو المختصّ في الأدب الشعبي في حديثه مع "الجزائر"، إن أمر إرجاع أصل الرّاي إلى نجد السعودية ممكن الحدوث وهذا نظرا إلى عاملين، أولهما أن أصل الراي هي الأغنية البدوية التي تتميز بالعامية الجزائرية الأصيلة، وحسب الدراسات فإن العامّية الجزائرية بدأت تتبلور ابتداء من القرن الثاني عشر الميلادي إلى غاية القرن الخامس عشر. والعامل الثاني يعود إلى تاريخ هجرة الهلاليين إلى الجزائر، فهو يعود إلى القرن الحادي عشر ميلادي، وهي قبائل من العرب العدنانية، كانت متمركزة بين الكعبة ونجد، الأمر الذي يجعل فرضية التأثر بها وارد بقوة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق