الأحد

المنافق في الفن التشكيلي

المنافق خزان كذب يرشح فساداً وتزييفاً فليس لد يه أمانة أو عهد أوصدق في قول أو عمل ،كثير الملق والتزلّف ، سريع إلى الرياء والمخاتلة وإذلال النفس طمعاً في بلوغ ما يريد ولو سلك إلى ذلك نهج الظلم والنميمة والغش وهو في كل ما يقدم عليه يتخفى بثياب التقوى ويتجلبب بجلباب الصدق والطهارة وكأنه وصي لإحلال قيم الحق والعدل والإنصاف في الدنيا .

ويتحلق حول بعض المسؤولين عادة لفيف من هؤلاء المتفننين في ترتيب الأكاذيب وتنسيقها وتدبيج المدائح الخلبية وتزويقها ، ويتظاهرون بأن القدر حباهم قوة عجيبة يرون فيها من خلف حجاب الغيب ما يضرّ وما ينفع فيصبحون هم عقل المسؤول المغلوب الذي يفكر ويده التي تعمل ورجله التي تسعى ويصيرون له السهم الذي ينبغي أن يتبعه حتى لا يحيد عن الطريق الصحيح .‏
ومن آيات هؤلاء أنهم يزينون للمسؤول أخطاءه ويعمونه عن عيوبه فيقلبونها في نظره إلى محاسن لم يجمعها دهاة الأولين فيصدق المسؤول مقالتهم ويمضي على وجهه خلف سهم السراب والكذب فلا يكتشف خطورة المنحدر الذي يسير فيه حتى يجد نفسه وقد هوى إلى الحضيض في سقطة لا قومة له من بعدها .‏

ومن صور النفاق الرخيص التي يعرف وبها أرباب الدجل أنهم إذا روى المسؤول نكتة لا تضحك انطرحوا على ظهورهم من فرط الضحك المفتعل وإذا غضب المسؤول غضبوا أكثر منه وشتموا ولعنوا أكثر مما يشتم ويلعن حتى ليكاد الواحد منهم يبكي حزناً وكمداً لأه لا يريد أن يرى المسؤول كدر الخاطر منشدّ الأسارير وإذا عطس المسؤول عطسوا وإذا طرح فكرة نيئة لا يسندها منطق باركوها ودفعوه إلى تطبيقها بعد تغليف قبحها بغلاف يغري المسؤول بفعلها فلا يكاد يمضي زمن إلا ويكون فيها هذا المسؤول أسير أخطبوط النفاق الذي يلتف بأذرعه الخانقة حوله فيتخبط في رؤاه وقراراته وعمله مما ينعكس سلباً في نهاية المطاف على الصالح العام .‏

إن المنافقين الذين يتحولون إلى ناصحين ومرشدين للمسؤولين هم السعاة إلى سقوطهم ولكن أكثر المسؤولين لا يعقلون فإذا رأى المسؤول البعيد عن الغفلة إلى جانبه إنساناً يكثر له النصح دون معرفة فعليه أن يظن بهذا الناصح ( الثقيل ) ظنّة السوء لأن بعض النصح خديعة ورمي بالمسؤول إلى هاوية الكذب والعظمة الفارغة فيعتقد أنه سيد الصواب وأنه يفهم حقاً فتطيش سهامه في كل الاتجاهات ويصبح أشبه بناقة خبط عشواء تسير ضالة فتدوس بمنسمها الصالح والطالح .‏

والمسؤول العاقل هو من لا يجالس المنافقين والحمقى ولا يقبل رأي وغد ولا لحوح ولا معجب ولا متلوّن ولا يوافق رأي أي من هؤلاء لأن موافقتهم تهور والأخذ برأيهم مصيبة ومجاراتهم تهمة تلحق المسؤول فيشك ذوو البصيرة في عقله مادامت هذه المسايرة أذى ومجاراة بلا ربح، فما أعظم المسؤول حين يعي أنه أشبه بسوق يجلب إليها الناس بضاعتهم لينفقوها !! وما أعظمه حين يعرف أساليب المتاجرين بهذه البضاعة وطرقهم ودرجة خلو بضاعتهم من الغش والتدليس !! وما أعظمه حين يضع بين عينيه حقيقة أن من يستحق أن يكون قريباً منه هو ذلك الذي يردّه عن الخطأ ويكشف له العيوب والنواقص ويبعده عن الهوى بالنصح المجرد عن الأرب !! وما أعظمه حين يتمتع ببصيرة كشف أهل المداورة والمداجاة فيفرّ منهم فرار السليم من الأجرب ، لأنه يدرك أنه إن صدّقهم وسار خلفهم أهانوه في سرهم وسخروا منه في مجالسهم على الرغم مما يسمع منهم في وجهه من ألوان الإطراء والمديح الكاذب كما يفعل كل أصحاب الوجهين الذين قال فيهم الشاعر صالح بن عبد القدوس :‏

قل للذي لست أدري من تلوّنه أناصح أم على غشٍّ يداجيني‏

إني لأكثر مما سمتني عجباً يدٌ تشجُّ وأخرى منك تأسوني‏

تذمني عند أقوامٍ وتمدحني في آخرين وكل منك يأتيني‏ ))
كذلك الحذف عندما يكون مجاملة لشخص من الناس على حساب الابداع الصحيح ،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق