السبت

وقد بدا موسم صيف هذا العام مغرياً من حيث المبالغة في ارتداء أنصاف الثياب وأرباعها وأشباهها المتصلة وغير المتصلة، وكل ذلك على الموضة كما يقال!؟ ليس هناك ثمة شيء يثير الدهشة إيجاباً وسلباً على حد سواء كمثل هذا الذي نراه اليوم في شوارعنا وكلياتنا الجامعية وعلى شاشات الفضائيات راضين ومكرهين، من الخصور المسوّرة والشفاه المنفوخة المنفرجة وتلك اللحوم البيضاء التي يسيل لها الأسف قبل أن ينفث بخاره.. ثم يأتي من يقول لك إن المرأة في مجتمعاتنا مازالت تتعرض للتحرش الجنسي ولدفع الضريبة من جسدها.
مما لاشك فيه أن العديد من التعليقات والآراء، وحتى التحقيقات الصحفية التي تتناولها بعض الصحف الصفراء منها والحمراء، قد حفلت –ولازالت- بمواقف واستنتاجات وأحكام خلصت كلها إلى صورة شبه ثابتة يحاول البعض رسمها بإصرار على أن الفتاة أو المرأة هي المظلومة دوماً والمعتدى عليها في كل الحالات التي نقرأ عنها في الصحف والمجلات أو نسمع عنها، فيما يتعلق بمحاولات التحرش الجنسي والاغتصاب. وهنا كان لابد من تسليط الضوء على هذه الظاهرة من زاوية أخرى ومعرفة رأي الشباب فيما يرى ويسمع ويشاهد، محاولين بذلك أن نضع إصبعنا على الجرح مباشرة دون خجل أو خوف، وكلنا صار يدرك جيداً أنه ما إن يلفظ الشتاء أنفاسه الأخيرة من كل عام حتى تغدو شوارعنا وجامعاتنا التي هي مركز إشعاع علمي وحضاري كبير مسرحاً لعرض الأجساد المغرية والمثيرة، فتدفع بعضنا للقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله).
وقد بدا موسم صيف هذا العام مغرياً من حيث المبالغة في ارتداء أنصاف الثياب وأرباعها وأشباهها المتصلة وغير المتصلة، وكل ذلك على الموضة كما يقال!؟ وبدا التفنن قاتلاً فيها بالارتقاء إلى مزيدٍ من الكشف والانكشاف، ويجعلها تستحوذ على أقل ما يمكن من الأجساد وأكثر ما يمكن من العقول والأفئدة والهرمونات الصاعدة والنازلة ودقات القلوب، محدثات بذلك ثورة في المفاهيم والأفكار.
يقف الشباب حيال هذه الظاهرة القديمة المتجددة على أشدها بداية كل صيف عدة مواقف وآراء يتفق معظمها على خطورة ما يجري.

الإغراء هو سلاح المرأة الأجدى
حسين العلي (مهندس زراعي) قال: ما يثير الاستغراب في هذا الموضوع هو أن معظم فتيات اليوم متفقات على أن الإغراء هو سلاح المرأة الأجدى، وأن هذا العري الفاضح وهذه الملابس الضيقة الأفق أصبحت من ضرورات العصر الراهن؟ وما نراه في الشارع والجامعة من صدور مشدودة وأخرى مغدقة النعمة كأنها جمر أحمر يحترق تحت تلك الثياب التي تكاد تفر من مكانها هو صورة واضحة عن تفكير هؤلاء الفتيات، وهنا تكمن المصيبة- في رأي المهندس حسين العلي.

رمز الرقي وهاجس فتيات اليوم
أما مأمون الطايع (متعهد بناء) فيقول: هذا العري المترائي خلف هذه الثياب الوجلة وهذه السرر والبطون البيضاء قد صارت رمز الرقي والحضارة وأضحت هاجس البعض إذا لم نقل أغلب فتيات اليوم، بفعل الحرارة التي تحدثها تلك المناظر في نفوس وأفئدة شباب اليوم الذين أضحوا يدفعون ثمن ذلك من أعصابهم ووقتهم. والمحزن في أغلب الأحيان أن هناك فتيات يقمن بالاستعراض الجسدي في الشوارع والجامعات وأخريات يدفعن الفاتورة باهظة.

عملية مبرمجة لغزو العقول والأفكار
في حين تقول وصال الصالح (موظفة): لا يكاد ينتهي فصل الشتاء حتى تبدأ عملية التخلص من الملابس والتعري وإظهار أكثر ما يمكن من مفاتن المرأة التي تأخذ بلب عقول الشباب! حقاً إنها عملية مبرمجة لغزو العقول والأفكار والنفوس ومن ثم العمل على انحلال القيم لدى الشباب واتهامه فيما بعد بأنه غير حضاري وغير أخلاقي.

زيادة الدخل الوطني وجذب الاستثمارات
أما خيرو منصور (موظف) فيقول ممازحاً (وربما يكون كلامه لب الحقيقة): إنهن يفكرن بطريقة جهنمية ووطنية أيضاً، ويسهمن من حيث ندري ولا ندري في زيادة الدخل الوطني! وعندما سألته كيف يكون ذلك؟ أجابني:
إن إبراز المفاتن في شوارعنا وهذا العري هو أهم حافز مشجع لجلب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع للسياحة العربية والبينية من الدول (الإسكندنافية)، فهي حسب ما يقول: تدر بالملايين على الوطن والمواطن دون أن ندري عدا أنها تسهم في تحسين مداخل المدن وتعمي الأبصار عن مناظر القمامة والأوساخ المنتشرة في شوارعنا ومدننا وسوء الخدمات في بلداتنا وأريافنا ومناطقنا (السياحية)!

جمال المرأة ومفاتنها جواز مرورها إلى قلب الرجل
من جهتها قالت فاتن خطيب (طالبة جامعية): لقد أضحى على الفتاة في مجتمعاتنا أن تكون جميلة وتستوعب منذ صغرها أن جمالها وفتنتها هو جواز مرورها إلى قلب الرجل وإلى الزواج بالأحرى، وهذا ما يفسر لنا انهماك الفتيات في آخر صرعات الموضة التي أصبح أساطينها يتفننون في إبرازها لمفاتن جسد المرأة.

وأخيراً
هل هي العولمة وهلوسة العصر التي طالت كل شيء حتى منعطفات النفوس؟ أم هي حال الحضارة الحتمية التي جنَّدت الأشياء والمفاهيم وسخَّرت العقول والأفكار للحاق بركب الزمن وجعلت بعضنا يرسم متمادياً حدود العقل ومبتكراً صورة فتاة الأيام المقبلة وهي تحث الخطا حافية القدمين على سبيل التكهَّن بقادم السنين وما تحمله من غرائب وعجائب..؟
فهل حقاً جاء الوقت الذي تقول فيه الفتيات: (إننا مستعدات لفعل أي شي وكل شيء في سبيل الفوز بعريس)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق